المواقع الصديقة

mercredi 7 décembre 2011

زوجات يصرخن.. زوجي لا يهتم بأناقته

زوجات يصرخن.. زوجي لا يهتم بأناقته 


سكينة بن الزين
الأحداث المغربية : 07 - 12 - 2011
كن يرغبن في أزواج بأذواق أكثر رقي، من أجل إطلالة مميزة، لكنهن ارتبطن بأزواج آخر همهم اللباس والأناقة، مكتفين بتكثيف جل جهودهم نحو توفير لقمة العيش لأسرهم. بعضهم يهمل شكله بسبب البخل، والبعض يحاول جاهدا أن يبدو بشكل لائق، لكن اختياراته غير موفقة. لتتراوح ردود أفعال الزوجات ما بين المعاناة في صمت، وبين محاولة التكشير عن الأنياب دفاعا عن الأزواج، بينما تتخلل الموقفين بعض لحظات مجاراة المواقف الطريفة.
»كانت الظروف أقوى مني»، هكذا تعزي سعيدة نفسها، عندما تحاصر بعبارات السخرية، والتهكم من المحيطين. لم تكن سعيدة تدري، وهي الفتاة المدللة لوالدها، على اعتبارها الإبنة الوحيدة بين خمسة أبناء ذكور، أن حكايتها ستقف عند الإرتباط برجل لا يشبه من قريب أو بعيد فتى الأحلام كما تصوره المسلسلات المدبلجة.
“مرات الطلاب”
لم يسبق لسعيدة ابنة القنيطرة التعرف على رجل، وهي المحاطة بالمراقبة الصارمة لأشقائها، لكن تلك المراقبة لم تمنعها من رسم صورة عن زوج المستقل، وهو الرسم المتنافر وهيئة زوجها المربكة. كانت النظرة الأولى كفيلة لأن يقول والدها لا للزوج الذي يكبرها سنا، كما أن إهماله لهندامه في اليوم الذي يفترض فيه أن يقدم نفسه في أحسن صورة باعتباره خاطبا، جعل والد سعيدة يتمسك برأيه. لكن رأي الجد كان مخالفا للكل، وكان للجد ما أراد وفقا لمنطق التراتبية المعمول به داخل العائلة، حيث الكلمة الفصل للجد. لم يختلف مظهر الزوج كثيرا ليلة الزفاف، حيث اكتفى بما يمكن أن يصطلح عليه تجاوزا بذلة عرس، التي اقتصرت على سروال أسود، وقميص كان أبيضا في الغابر من الأيام، ليتحول إلى اللون البيج. لم تخفى نظرات السخرية المرسومة في عيون الصديقات، وهن يلاحظن الفرق بين ما كانت تشاركه معهن سعيدة من مواصفات فارس الأحلام، وبين الرجل الجالس إلى جانبها. ما كان ينتظر سعيدة يفوق ما رأته، وهي الفتاة الأنيقة لحد الهوس.
مر أسبوع على ارتباط العريسين، وأصبح من اللازم مرافقة الزوج حيث محل عمله بالدار البيضاء. يفرض عمل الزوج الكثير من الاحتكاك بالأرض، لكونه يعمل في مجال البستنة، « أول شيء يطالب به بعد الدخول، هو الأكل دون تغيير ملابسه المليئة بالتراب»، تقول سعيدة التي لم تعد تكترث كثيرا للأمر بعد أن وجدت أن زوجها أعند من أن يغير نمط حياته وقوفا عند رغبتها. «حيث الراجل خصو يكون قاصح، أما اللبس، والتبدال خليه للعيالات» تردد الزوجة قناعة زوجها غير القابلة للنقاش. قناعة اكتشفت مع الوقت أن مردها بخل الرجل، الذي لا يدخل الملابس في إطار الأولويات، مكتفيا بارتداء ما بحوزته.
ما بحوزة زوج سعيدة يعود لعهود غابرة، لا تعلم الزوجة بالضبط منذ متى اقتنى الزوج أغراضه تلك، لكن كل ما تذكره، هو أنها وجدت تلك الأسمال البالية في خزانة الزوج منذ ارتباطها به، وأنه لايزال مواظبا على ارتداء ما بقي منها، رغم تآكل أكمامها، وبعض الثقوب التي لم يعد ينفع معها”ترقيع المرقعين”. وضع دفع سعيدة للعمل على جلب بعض الملابس الخاصة بأشقائها، حتى تتحاشى نظرة السخرية التي تحاصرها من قبل الجارات. لكن البعض لا يكتفي بالنظر، أو التلميح، لتجد سعيدة نفسها أمام عبارات جارحة، «علاش راجلك داير فحال شي طلاب»، تكرر سعيدة السؤال الذي يعيده الكثيرون على مسامعها، وهي تعلم أن المزيد من هذه العبارات تتناسل بين وشوشات الجارات.
لا يقتصر الأمر على سخرية النساء، لتجد سعيدة أن زوجها مثار سخرية حتى بين الرجال بعد المناسبات التي يحضرها. تذكر سعيدة أنها فوجئت بإحدى جاراتها وهي تقدم لها جلباب زوجها، «زوجي يمتلك الكثير من الملابس التقليدية، ويمكن لزوجك أن يرتدي هذا الجلباب، بدل جلبابه القديم، لحضور المناسبات»، تقول الجارة التي حاولت بلطف إعلام سعيدة بما هو معلوم عندها منذ البداية، ليقينها بشكل زوجها المضحك بالجلباب القديم، الذي لا تتوان هي نفسها من السخرية منه، حين تشبهه بجلباب فزاعة الحقول.
“مول السروال الحمر”
بالنسبة لرشيدة، لم يسبق لها أن وقفت من زوجها موقف سخرية، كما سعيدة التي تحاول القفز على خجلها من شكل زوجها. لكنها في نفس الوقت لا تخفي امتعاضها من تدخل الناس فيما لا يعنيهم، إضافة إلى عناد زوجها الذي يصر على الاحتفاظ بنفس الملابس. زوج رشيدة الذي يشتغل أستاذا لمادة الرياضيات بإحدى المؤسسات، عرف بطريقة تدريسه المبتكرة التي جعلت منه أستاذا متميزا، لكن في نفس الوقت، سيكتسب الرجل شهرته بسبب ملابسه التي يجمع الكثير من التلاميذ الذين تعاقبوا على المؤسسة، أنها لم تتغير، رغم تغير المناهج الدراسية، وتغير الطاقم الإداري، وتغير حالات الطقس، التي كانت تجبر الأستاذ على ارتداء “جاكيت” أزرق، كعنوان على التغيير الموسمي. تشبت بالزي سيجعل التلامذة، يكتفون بلقب”مول السروال الحمر”، كبديل عن عبارة “مول المات”. صفة ستتجاوز جدران المؤسسة، لتصل حيث محل سكن الأستاذ، لتظهر تداعيات اللقب بين أفراد الأسرة.
“ولد مول السروال حمر”، “بنت مول السروال حمر”، مرات مول السروال حمر”، هكذا يعلن عن نسب عائلة أستاذ الرياضيات. ولأن رشيدة لا تملك نفس التسامح الذي تميزت به سعيدة، فإنها لا تتوانى عن الرد بعنف في وجه من تسول له نفسه التفوه بهذه العبارة في وجهها. « أنا عندي سميتي، وراجلي حتا هوا»، تقول رشيدة بانفعال، وهي تشير أنه من السهل جدا أن يعمل الشخص على اكتشاف عيوب الناس، لكن أخلاق البعض تمنعهم من ذلك.
قررت رشيدة أن تدافع عن زوجها” ظالما أو مظلوما”، دون أن تفكر ولو للحظة في إلقاء اللوم على زوجها الذي لم يفكر في التخلي عن نفس الملابس التي يمتلكها منذ سنوات. المهم بالنسبة للزوجة أن الملابس نظيفة، ومرتبة، والأهم من ذلك أنها لا تفتح المجال لمناقشة الأمر مع المتطفلين، والفضوليين، بالرغم من معرفتها بأن الكل يتناقل الكلام بصيغة السخرية عن عائلة “مول السروال الحمر”.
حوايج العيد
زوج فتيحة لا يمانع أبدا من تغيير ملابسه، لكن مشكلة الرجل تكمن في اختياراته العشوائية للألوان، مما يجعل منه محط أنظار الجميع، إضافة لارتباطه الكبير ببذلة يوم عرسه. كانت تلك أول بذلة بالنسبة للزوج، ويبدو أن الرجل لم يستسغ أن ترتبط تلك البدلة بمناسبة واحدة، لتصبح بمثابة الزي الرسمي المخصص للمناسبات العائلية، وما يعتبره زيارات مهمة. « كتبان كلاس فهاد اللبسة»، عبارة ترى فيها فتيحة نوعا من السخرية، وهي تتردد على لسان أشقائها، وبعض أفراد أسرتها، في الوقت الذي يتفاعل معها الزوج بنوع من السذاجة. رغم محاولة فتيحة ثني زوجها للتخلي عن تلك البدلة، إلا أن محاولاتها باءت بالفشل، لتجد نفسها في بعض الأحيان منساقة للتجاوب مع بعض المواقف الطريفة بسبب بدلة الزوج. «عندما تقترب بعض المناسبات، أجد أن والدتي تتصل بي لتطمئن بأني أرسلت بدلة زوجي للمصبنة»، اطمئنان يأتي على سبيل السخرية بين الأم وابنتها، لكن فتيحة تضيق بالأمر في بعض الأحيان، في حالة ما خرجت عبارات التطاول من الجيران. «البارح شفت راجلك لابس حوايج العيد، واش كنتو معروضين»، عبارة لم تستسغها فتيحة من إحدى الجارات، لتدخل معها في مشاداة كلامية، انتهت بالقطيعة.
قررت فتيحة معالجة الأمر بنفسها، حين استغلت تواجد ابن شقيقة زوجها، لتقوم بتمزيق سترة البدلة بواسطة المقص، ووضع بيد الصغير حتى يبدو الأمر حادثا عرضيا، وتتخلص من البدلة” الملعونة”، لكن الزوج سرعان ما وجد الحل، حين بشر الزوجة بوجود خياط ماهر يمكنه إصلاح الجزء الممزق. أصلح “العطب”، لتصبح السترة ضيقة بشكل يعمل على شد كتفي زوجها، لتبدو ذراعاه متباعدتان عن جسده، مما جعل من الموقف أكثر طرافة، ومن إطلالة زوجها أكثر غرابة من السابق.
سكينة بنزين.

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire